قبيل إتمام عامي الثامن والعشرين

استيقظت صباحاً بشهية مسدودة للحياة

الكثير من الالتزامات والقليل من الرغبة

قررت أن أتجاهل رغبتي بالجلوس وفعل اللاشيء وأن أدفع نفسي للعمل. خرجت من المنزل صباحاً دون تفكير. فالتواجد ضمن “كافيه” وحول أشخاص منهمكين بالعمل ستحفزني للعمل بكل تأكيد.

منذ شهرين وحتى اليوم تبدو حياتي كآلة، وأبدو أنا كرجل آلي.

زارتني العديد من الأمراض الجسدية التي لم تصبني منذ ما يزيد عن العام.

أعمل على الكثير من المشاريع دون تفكير. لا ليس دون تفكير بشكل حرفي.

ولكن هل توقفت يوماً عن العمل لتسأل نفسك لِمَ أفعل ما أفعله؟

في خضم عملي، شعرت برغبة بالبكاء.

بُعلِّمونا في مقابلات الموارد البشرية الإجابة المثالية عن سؤال “أين ترى نفسك بعد خمس سنوات؟”

ولكن ماذا عن سؤال: كيف ترى نفسك بعد خمس سنوات؟ ما شكل حياتك؟ من هم أصدقائك؟ وكيف تقضي أيامك؟

هل لديك جواب؟ شخصياً، لا جواب لدي.

أسير نحو المجهول بكل ثقة.

ولكن هل يجب أن أعرف فعلاً؟ وكيف لي ذلك؟

أخذت مشروباً ساخناً، بحث على أقرب حديقة على خرائط غوغل ومشيت إليها.

كان الجو بارداً، والطقس مثالياً للكآبة الخريفية.

كل من حولي يعيش فترات انتقالية، وأشعر بالأرض الثابتة تهتز تحت أقدامي، ولا مكان للاختباء من موجة التغيير القادمة.

كانت الحديقة مجاورة لمدرسة ابتدائية، ضجة الأطفال أشعرتني بالحنين. علامَ كل هذا الصخب؟

كل ما نكبر بالعمر يقلُّ صخبنا. ولكن تكثر معه رغبتنا بأن نُسمع.

مباراة الكرة في الملعب المجاور، وسعادة طفلة بقطف أوراق الخريف مع والدتها، ضاعفا بكاءي.

متى كانت آخر مرة شعرت بها بهذا الحماس؟ وبهذه الرغبة بالحياة؟ لا أذكر.

رغم أني أفعل كل ما من المفترض أن يشعرني بالحماس، ولكن لا شيء حقيقي يشعل بي رغبة الحياة بيومياتها من جديد.

كل من حولنا يخبرنا أنه قادر على تعليمنا كيف نعيش الحياة، كيف ننظر لها بإيجابية، كيف نتقبّلها، وكيف نتقبّل أنفسنا.

وتظن وأنت على مشارف الثلاثين أنك ستكون قد امتلكت هذه المهارات.

مدرِّب حياة. يا للثقة!

هراء. كل مهارات التعامل مع الحياة غير قابلة للتعلّم. عليك أن تتعلّم بالتجربة. لا سبيل غير ذلك.

بعد أن أفرغت شحنة البكاء، استقلّيت سيارة أجرة متجهة نحو المكان الذي اعتبره ملاذي الأخير في هذه المدينة، وحملت بيدي باقة ورد لابن أختي ذو الأربع سنوات. وقررت أن أكتب هذه الكلمات على أنغام الأغنية التركية التي يصغي إليها السائق.

وفي رأسي تدور عبارة واحدة (هذا العالم نشيّده فينهار.. ثم نشيّدهُ ثانيةً فننهار نحن)

———————————————–

١٨ تشرين الأول ٢٠٢٢

٠٥:٥٣ مساءاً

 

 

شارك ما قرأت

في اليوم العالمي للصحة النفسية.. أنا ناجية!
العام الأول خارج البلاد

2 Comments

  1. روح 24 نوفمبر, 2022 في 3:55 م - الرد

    ❤️

  2. Yasmin 23 أكتوبر, 2022 في 6:08 م - الرد

    Do you have newsletters? I would like to subscribe

اضف تعليقاً