حدثت الحياة – الرسالة الأولى
صديقتي العزيزة
أكتب إليك اليوم من اسطنبول المجنونة كما يحب سكانها هنا أن يدعونها. لا أعرف إن كنت أشاركهم الشعور، فصفة الجنون بالنسبة لي إيجابية أحياناً وتنم عن عفوية وحماس. وهذا ما لا أراه في هذه المدينة حتى اليوم.
يخيّل لي أحياناً أن اسطنبول تشبه شخصية جدتك من طرف الأب، تحبك ضمنياً ربما، ولن تتمكني من التأكد من هذه المشاعر يوماً.
لكنها مراقبة لأفعالك عن كثب، ودائمة النقد والتوبيخ. تسمعين التعليمات التي تدّسها في أذن أباكِ، منبهة اياه لضرورة أن يكون أكثر حزماً معك.
الأيام تمر عادية.
كتب لقمان ديركي منذ فترة على فيسبوك يقول (أحلى شي لما ما عاد بيكون عندك فضول تكمّل).
الأجسام في المرأة أكبر وأقرب مما تبدو في الحقيقة.
تدور هذه العبارة في ذهني منذ عدة أيام. هل فكرتِ بها يوماً؟
كل ما حولنا يبدو أكبر وأقرب من حقيقته.
نكبر ونحن نظن أن الأب هو البطل الخارق الذي سيحقق أحلامنا، ويقاتل الأشرار لأجلنا.
وأن الأم صدرنا الوحيد الآمن. صداقاتنا، علاقاتنا، نعطيها حجماً في عقلنا أكبر مما هي عليه في الواقع.
تمر الأيام، وتوضح الرؤية، وتحدث الحياة لتعيد كل إلى حجمه ومقاسه الإنساني الطبيعي.
“تحدث الحياة”
أحب هذا المصطلح، يبدو أجمل بلغته الأصلية (life happened)
لا أذكر أين سمعته أول مرة، ولكنه يختصر الكثير.
كنت تبدو أكثر حماسة في لقائنا الأخير
بتذكر كنتو كتير رفقات قراب
بتذكر كنتي كتير تحبي الموسيقا
كنتي تحلمي تكوني طباخة وتفتحي مطعم
كان بدك تكمل دراسة
كان حلمك تكوني كاتبة وبلشتي بمسودة كتاب
أسئلة كثيرة، لا نملك جواباً للازمة (ماذا حدث؟) التابعة لها، سوى عبارة واحدة..
الحياة حدثت.
كيف تحدث الحياة على الطرف الآخر عندك؟
آمل أنها ألطف. وأن تكون أفكارك أكثر ترابطاً مما كتبته.
محبتي.
==========
المذكرة هي لمست شي فيني وخلتني افكر بكتير افكار مشوشة
🤍🤍🤍